فصل: القاعدة الأولى: في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد **


وقبل الدخول في صميم الكتاب أحب أن أقدم قواعد هامة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته‏.‏

 القاعدة الأولى‏:‏ ‏"‏في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته‏"‏

الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير؛ لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم باللسان العربي؛ فوجب إبقاء دلالة كلام الله، وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان، ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم؛ وهو حرام لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ‏}‏‏[‏ سورة الأعراف، الآية‏:‏ 33‏.‏‏]‏‏.‏

مثال ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ‏}‏‏[‏سورة المائدة، الآية‏:‏ 64‏.‏‏]‏‏.‏ فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقيتين، فيجب إثبات ذلك له‏.‏

فإذا قال قائل‏:‏ المراد بهما القوة‏.‏

قلنا له‏:‏ هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به؛ لأنه قول على الله بلا علم‏.‏

 القاعدة الثانية‏:‏ في أسماء الله‏.‏ وتحت هذه القاعدة فروع

الفرع الأول‏:‏ أسماء الله كلها حسنى، أي بالغة في الحسن غايته؛ لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى‏}‏‏[‏ سورة الأعراف، الآية‏:‏ 180‏.‏‏]‏‏.‏

مثال ذلك‏:‏ ‏(‏الرَّحْمَنِ‏)‏ فهو اسم من أسماء الله تعالى، دال على صفة عظيمة هي الرحمة الواسعة‏.‏ ومن ثم نعرف أنه ليس من أسماء الله‏:‏ ‏"‏الدهر‏"‏؛ لأنه لا يتضمن معنى يبلغ غاية الحسن، فأما قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر‏)‏ فمعناه‏:‏ مالك الدهر المتصرف فيه، بدليل قوله في الرواية الثانية عن الله تعالى‏:‏ ‏(‏بيدي الأمر أقلب الليل والنهار‏)‏ ‏[‏رواه مسلم، كتاب الألفاظ ‏(‏2246‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏

الفرع الثاني‏:‏ أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث المشهور‏:‏ ‏(‏أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك‏)‏ ‏[‏رواه أحمد ‏(‏1/391، 452‏)‏، وابن حبان رقم ‏(‏2372‏)‏، صححه الألباني في ‏"‏الصحيحة‏"‏ رقم ‏(‏199‏)‏‏.‏‏]‏، وما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به‏.‏

والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة‏)‏‏[‏ رواه البخاري، كتاب الدعوات ‏(‏6410‏)‏، ومسلم، كتاب الذكر ‏(‏2677‏)‏، وابن ماجه، كتاب الدعاء ‏(‏3860‏)‏‏.‏‏]‏‏:‏ أن معنى هذا الحديث‏:‏ إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة‏.‏ وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول‏:‏ عندي مائة درهم أعددتها للصدقة‏.‏ فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة‏.‏

الفرع الثالث‏:‏ أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية، يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على الشرع؛ ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك‏.‏

الفرع الرابع‏:‏ كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعديًا، ولا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله‏.‏

مثال ذلك في غير المتعدي‏:‏ ‏"‏العظيم‏"‏ فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسمًا من أسماء الله دالًا على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي العظمة‏.‏

ومثال ذلك في المتعدي‏:‏ ‏"‏الرحمن‏"‏، فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسمًا من أسماء الله دالًا على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي الرحمة وعلى ما ترتب عليه من أثر وهو أنه يرحم من يشاء‏.‏